حسين حمّود
ضربة على الحافر ضربة على المسمار. هذه هي استراتيجية تعامل تيار المستقبل مع حزب الله. السيدة بهية الحريري لا تريد القطيعة مع حزب الله، معتبرة أنّ الحوار معه، وإنْ لم يؤدِّ حتى الآن إلى نتائج، إلا أنه نجح في سحب الاحتقان الموجود في الشارع.
هذا الموقف يؤكده زميل السيدة بهية في كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت الذي يذكّر بأنّ الحزب هو حزب لبناني ولا تجوز مقاطعته، مشيراً أيضاً إلى أنّ الحوار الثنائي ساعد في إزالة الاحتقان بين جمهوري الحزبين.
لكنّ فتفت، كما صقور تياره الذين انضمّ إليهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، يحمّلون الحزب مسؤولية انهيار الدولة وإدخالها في المجهول لارتباطه بما يسمونه «المشروع الفتنوي الإيراني» الهادف إلى «السيطرة على المنطقة العربية والخليجية» والمقصود بعبارة أوضح «المنطقة السنية».
أوساط متابعة استغربت المنطق المستقبلي هذا. فتارة يقرّ «الزرق» بأهمية الحوار مع حزب الله وفضله في قطع دابر الفتنة في لبنان وتنفيس الاحتقان في شارعيْ الحزبيْن، وطوراً تملأ بيانات كتلة «المستقبل» بالجملة والمفرّق، وفريق 14 آذار عموماً، وتصريحات وكتابات الدائرين في فلكه، اتهامات إلى حدّ التأكيد والجزم بأنّ حزب الله ينفذ أجندة إيران الساعية إلى إحياء إمبراطوريتها على حساب العرب. فأيّ شقّ من مواقف تيار المستقبل هو الصادق؟
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يتهم «المستقبل» وملحقاته في 14 آذار حزب الله بعدم المساعدة في تطبيق الخطط الأمنية في المناطق التي له نفوذ فيها، وتحديداً البقاع، لدرجة تصل ببعض المستقبليين إلى أنّ الحزب يغطي، سياسياً وأمنياً، المطلوبين للعدالة بجرائم مختلفة. وفي هذا الصدد يقول نائب مستقبلي لمحدّثيه: «انظروا إلى مناطق المستقبل، في طرابلس وعكار، الخطط الأمنية تنفذ بالكامل والدليل الهدوء الذي تنعم به».
غاب عن النائب «الأزرق» أو هو تناسى أنّ طرابلس شهدت أكثر من عشرين جولة قتال ضارية فتكت بالبشر والحجر وكلّ جولة كانت تترافق مع مواقف تحريضية له ولزملائه ضدّ الطرف الآخر في القتال لأنه ذو توجه سياسي آخر، إضافة إلى الحملات العنيفة على القوى الأمنية وتبني بعض أبرز رموز «المستقبل» قادة المحاور الذين كانوا يفجّرون الوضع، ساعة يشاؤون، غير آبهين بالدولة والجيش ولا حتى بناسهم الذين ذهبوا ضحية المعارك. بل أكثر من ذلك وردت أسماء كبيرة من التيار خلال التحقيق مع قادة المحاور الذين أوقفتهم القوى الأمنية، تؤكد أنهم كانوا يتلقون السلاح والمال منها لمواصلة القتال، جولة بعد أخرى.
أما في المناطق التي يقول تيار «المستقبل» إنها خاضعة لنفوذ حزب الله، ولا سيما في البقاع الذي يضمّ تلاوين سياسية وحزبية متناقضة، فضلاً عن التشكيلات الطائفية والمذهبية، فلم تشهد نزاعاً مسلحاً مع الحزب حتى في أوج الاشتباكات السياسية الداخلية وتصاعد حمم المعارك في سورية.
وفي الموازاة، تشير الأوساط إلى أنّ الجيش والقوى الأمنية الأخرى نفذوا العديد من عمليات الدهم لمطلوبين للعدالة، إنْ في البقاع أو في الضاحية الجنوبية لبيروت، من دون أيّ احتجاج أو ضجيج إعلامي يفتعله الحزب لتغطية المطلوبين أو التحريض على المؤسسة العسكرية، خلافاً لما كان يحصل ولا يزال عند إلقاء القبض على المحسوبين على شارع «المستقبل»، والذي كاد في أكثر من محطة أن يؤدّي إلى تفجير الفتنة التي يقول تيار المستقبل إنه يرفضها، مواصلاً في الوقت نفسه حملاته العنيفة على حزب الله ليعود، بينما يقرّ بأنّ الأخير ينفّس الاحتقان في الشارع بواسطة الحوار، أيّ أنه لا يريد الفتنة.