Clik here to view.

- غسان بو دياب -
شنت مصادر مسيحية هجوما عنيفا على «كل من تسول له نفسه التفكير» في تغيير «الصيغة اللبنانية» من جانب واحد، وبدون العودة إلى جميع مكونات الشعب اللبناني بالإنتخابات التي تمثل فعلا «ضمير اللبنانيين وصوتهم»، بعيدا عن أحاديات القرار التي تمارس بحق بعض الطوائف المكونة للحالة اللبنانية.
وقالت المصادر إن الحديث الذي جرى في الأيام الماضية على خلفية أزمة النفايات، وأيديولوجية «الشرقية والغربية» في التعاطي، ومنطق الهيمنة والإستفراد وفرض الأمر الواقع لا يمر في بلد «الديمقراطية التوافقية»، وبالتالي، فإن السكوت ليس لا علامة الرضا، ولا علامة الموافقة، ولا علامة عجز، بل علامة إباء.
لكن المصادر أضافت: ان إستمرار الحديث بهذا المنطق سيؤدي إلى أصوات مرتفعة في جميع الإتجاهات، وعودة إلى بوصلة الخطابات على إيقاع عالي اللهجة، سمع البعض أطرافا منها في أحاديث جانبية، لكن لم يسمعوها كلها، مشيرة إلى أن الأطراف السياسيين وتحديدا المسيحيين منهم يعلمون أنه ليس في الإمكان ضبط الشارع إلى ما لا نهاية، مؤكدة أن استمرار انسداد الأفق السياسي يؤدي إلى تغيير ديمغرافي خطير، واستبدال المهاجرين بنازحين من تابعيات غير لبنانية سيؤدي بالضرورة إلى مخاطر وجودية على لبنان، ما يهدد جديا «الصيغة اللبنانية».
وقالت المصادر : «لا يتوهمن أحد أن المسيحيين في لبنان يرضون بالمثالثة بديلا لصيغة الطائف، أو أي ترتيب آخر على شاكلة الطائف، لأن بديل الطائف هو حصرا الفيدرالية، ولا يمكن الإستمرار بصيغة إستلاب التمثيل من بوابة قوانين الإنتخابات المزورة لإرادة الناخبين والشعب اللبناني، مشيرة إلى «أننا أم الصبي» في هذا الملف، ولن نسمح بقتل هذا الصبي ولو على جثثنا.
وفي إشارة إلى الجدال الذي انتشر حول «كهرباء الذوق ومياه المتن مقابل نفايات جبل لبنان الشمالي» رفضت المصادر هذا الموضوع، مشيرة إلى أن إسهامات أهالي هذه المنطقة لا تتعلق فقط باستضافة «الزائر الثقيل الملوث» المتمثل بمعمل الذوق، ولا فقط بتزويد مناطق بيروت بمياه المتن وغيره، بل إن الحديث عن «الشراكة الوطنية» هو صلب الموضوع، فلبنان الدولة والكيان، يمثل جزءا من الموروث الإيماني والعقيدة الدينية والليتورجية للمسيحيين وتحديدا الموارنة منهم.
وقالت إن معارضي الطائف ينطلقون من أن ممارسته ظهرت كانتقام من عهد رئيس مسيحي تولى رئاسة الجمهورية، وحاول تطبيق «الحلم اللبناني»، فاجبر المسيحيون على التخلي عن صلاحيات رئاسة الجمهورية لمصلحة رئاسة مجلس الوزراء، وقسم آخر إلى رئاسة مجلس النواب، ومنعوا الرئيس من القدرة على حل مجلس النواب، فهل المطلوب أن يكون الشغور الأخير في موقع الرئاسة إلغاء أخيرا للرئاسة المارونية؟
واستذكرت المصادر قول أحد كبار الأباء: «المسيحيون لا يريدون أن يحكموا أحدا، ولكنهم أيضا لا يريدون أن يحكمهم أحد». وقوله ايضا: «قد يتخلى المسيحيون عن رئاسة الجمهورية في لبنان وعن كل مراكز القرار، إذا كان الإحتفاظ بها يعني الإحتفاظ بنفوذ أو جاه أو محاصصة أو مغانم. لكنهم سيحتفظون بالرئاسة وغيرها، إذا كان التخلّي عنها يعني التخلّي عن حرّيتهم ووجودهم الحرّ الكريم».
وقالت إن المسيحيين يشعرون بالإستهداف السياسي المستمر منذ الطائف إلى اليوم، إن عبر قوانين الإنتخابات، التي لا تراعي التمثيل الصحيح، وتفرض نوابا على المسيحيين رغم إرادتهم، وعلى بقية اللبنانيين، واستهدافات كيانية تتعلق بالديموغرافيا، وأحد أبرز تجلياته كان مرسوم التجنيس عام 1994، الذي منح الجنسيّة دفعةً واحدة لما يزيد على 300 ألف شخص، علما أن حصة المسيحيين منهم كانت ضئيلة جدا، والكثير منهم لا يستحقها، ويحمل جنسيّات أخرى، ويستمر الإستهداف إلى اليوم، مع رفض إدراج قانون إستعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني على جدول أعمال «تشريع الضرورة»، كذلك ربط قانون إنتخاب عصري بـ «السلاح» وزعم البعض أن «وهج السلاح» يؤثر على إرادة الناخب اللبناني.
واستذكرت المصادر المسيحية قول أحد القادة الموارنة إن «الترجمة الملموسة لخيار الديموقراطية إنما تقوم أساساً على تمكين العائلات الروحية اللبنانية جميعها من أن تعيش سياسياً معاً وأن تضع بالتوافق معاً الأسس والقوانين الناظمة لحياة جميع المواطنين وأن تتمكن من مراقبة سير تنفيذ هذه القوانين على الجميع بالتساوي»، مشيرة إلى أن ذهاب البعض إلى حد فرض خيارات «من جانب واحد» ستكون له عواقب وخيمة على كافة الصعد، ولن يتم السكوت عنها.
«الوضع متأزم»، واستمرار الفراغ والتعطيل سيحمل فاتورة غالية جدا على الواقع الإقتصادي والإجتماعي، بدأت ملامحه تظهر في الهبوط العمودي لأسهم الشركات والمصارف اللبنانية، واستمراره يهدد جديا بأزمة إقتصادية قاتمة، يعززها كون مظلة الحماية الإقتصادية الخليجية التي كانت قائمة، وأدت إلى «إيداعات ملياراتية» قطرية وسعودية في الخزينة اللبنانية قد تكون غير متوفرة، مع ما يشاهد من هبوط قياسي لأسعار البترول، وتقشف الموازنات في الدول المانحة، وتحول معظم المساعدات إلى عناوين النازحين والمؤسسات الدولية الراعية لها.
مع هذا لن نفقد الأمل، ولن نترك البلد، تختم المصادر عينها، ولكن ليكن معلوما جيدا، فأي صيغة لا تراعي السياق التاريخي ستكون ساقطة حكما، وسنضطر «للمر» إذا احوجنا إليه «الأمر