عباس سليمان
وسط دموع النّساء وصراخهنّ وصلت جثامين آل صفوان إلى مطار رفيق الحريري الدولي. فبعد مرور ثمانية أيام على غرق العائلة في المياه الإقليمية التركية عادت جثامين سبعةٍ من أفرادها إلى حضن الوطن. إلا أنّ ما حصل اليوم لم يطفئ انتظار العائلة على أحرّ من الجمر لمعرفة مصير اثنين من أفرادها المفقودين.
في المطار، اجتمعت العائلة مع وفدٍ رسميٍّ مرافق كي تستقبل الراحلين. وعند الساعة الثانية والنصف من بعد الظّهر حطّت الجثامين أرض المطار برفقة 7 فرق من "الصّليب الأحمر اللبناني" لنقلها إلى منزل العائلة في منطقة الأوزاعي.
وكان رئيس "الهيئة العليا للإغاثة" اللواء محمّد خير وصل صباح اليوم إلى منزل العائلة، حيث قدّم واجب التّعازي للعائلة، مشيراً إلى أنّ "الرئيس تمام سلام هو عائلة صفوان"، وداعياً "كلّ المواطنين لعدم التعامل مع مافيات الهجرة".
إلى ذلك، أكد وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر أنّ "المافيات هي أجنبية، وهي خارج لبنان"، مشدّداً على ضرورة "انتظار التحقيقات في هذا الملفّ وكشف كلّ من يقوم بهذه الأعمال".
واعتبر، من أرض المطار، أنّ "هناك يأس يدفعهم إلى أن يسلكوا كلّ الوسائل كي يستطيعوا تأمين بالحد الأدنى لمعيشة أبنائهم"، مؤكداً أنّ "على الدّولة تأمين الظّروف الاجتماعية اللائقة لأبنائهم".
وعلّق المتحدّث باسم العائلة على الأمر بالقول "عندما يفقد المواطن أمله بوطنه فيصبح مستعداً للهجرة وللمخاطرة حتى بأولاده".
للهجرة في لبنان تاريخٌ يستحقّ التأمل. معاناة العائلة ليست الأولى من نوعها هنا. لم ينسَ اللبنانيون بعد مأساة بلدة قبعيت العكارية التي كان أغلب الركاب اللبنانيين في العبارة الإندونيسية، التي غرقت منذ سنتين، على متنها. هناك أيضاً، حيكت الروايات والقصص حول مافياتٍ تستغلّ معاناة الناس. كما انتشرت التصريحات الرسمية حول ضرورة إجراء التحقيقات.
لم تقتصر طريق الهجرة، هرباً من الوضع المزري في البلاد، على عبور البحر. للجوّ نصيبٌ كذلك من "قرف" اللبنانيين. وما الطّائرة الجزائرية، التي قضى في حادث تحطّمها 116 شخصاً من بينهم عشرون لبنانياً، سوى خير مثالٍ على الرّغبة في الهروب من هنا نحو أيّ شيءٍ هناك.
واليوم، تضاف إلى اللائحة مأساةٌ جديدة. معاناة أسرةٍ أراد ربّها نقل أفرادها إلى وضعٍ اجتماعيٍّ أفضل، فوجد نفسه يحملها إلى نهايةٍ مأساويّة.