Clik here to view.

ربيع دمج /خاص موقع التحري
لا تزال عائلة "صفوان" تعيش لحظاتها المأساوية ، لا شيء يواسيها حتى الساعة إلا خبر العثور على 7 من أفرادها، فيما لا يزال البحث جارياً عن إثنين منها، وهما أحفاد رب العائلة مايز صفوان، وائل (18 سنة) ومالك (7 سنوات) التائهين في بحر إزمير، أما الناجون الثلاثة من العائلة موسى وماهر وآياد فهم محتجزون في مخفر منطقة خشفة في إزمير، وسيتم يوم السبت تحويلهم إلى السفارة اللبنانية حتى الإنتهاء من تحضير أوراقهم الثبوتية ونقلهم إلى لبنان بطلب وتوصية من رئيس الحكومة تمام سلام، الذي أوعز إلى رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير للتواصل مع السفارة اللبنانية في إسطمبول، بحسب ما يقول قريب الضحايا هاني صفوان في حديث مع "التحرّي".
أيام قليلة جداً وسيتم الإفراج عن المحتجزين من آل "صفوان"، أما بالنسبة إلى جثامين الـ7 من العائلة المنكوبة فهم حالياً داخل المشفى الحكومي في إزمير، وسيم تحرير الجثث بعد الإنتهاء من كافة المراسم المطلوبة ومن المفترض أن تصل هذه الجثامين منتصف الإسبوع المقبل كحد أقصى، وعملية التأخير لا علاقة لها بالبحث الجار عن الجثتين الآخريتين، وإنما فقط بالترتيبات الرسمية والقانونية، بحسب ما يقول مصدر قانوني مقرب من العائلة.
مايز صفوان وعائلته ليسوا أول من ترك منطقة الاوزاعي ليهاجر بطريقة غير شرعية إلى الخارج، وتحديداً المانيا، فبحسب شهود عيان من هذه المنطقة البحرية، يؤكدون لموقع "التحرّي" أن عددا كبيرا من شباب المنطقة هربوا إلى الخارج بهذه الطريقة، لكن الحظ أسعفهم، كما أن هناك أفراد من عائلة عساف، وبداح وحيدر وغيرهم، هاجروا منذ فترة وجيزة إلى أوروبا عبر تركيا، إذ كانوا يستقلون طائرة من بيروت إلى مطار إسطنبول بطريقة عادية ومن هناك يتواصلون مع وسيط يعمل لدى السمسار الكبير، هذا الوسيط ينقلهم إلى إزمير ومن هناك ينطلقون بقوارب الموت، ومن يحالفه الحظ ينجو ومن لا يكون مصيره كمصير آل صفوان.
مايز صفوان لم يكن رجلاً فقيراً، ولا شاباً في مقتبل العمر يبحث عن فرصة أفضل وهو قد بلغ الـ63 من عمره، ولسنا بوارد محاسبة أحد أقله رجل أصبحت روحه عند خالقه، لكن المشكلة أن فكرة الهجرة أصبحت كالمولع بلعبة الميسر، مع العلم أن تجارب سابقة وفاشلة يفترض ان تعلّم الآخرين.
مايز كان لديه عدد من المساكن الشعبية المطلة على شاطئ الأوزاعي، وكان يؤجرها لعدد من العمال الأجانب بأسعار لا تقل عن الـ250 دولار للشقة، وهو متزوج 4 مرات، أولها كانت من سيدة المانية أنجب منها إبنتهما ميلانة (40 سنة) والتي قضت في رحلة الموت، ثم تزوج مرة ثانية من المانية وكان يسكن معها هناك،الى ان اضطر الى ترك البلا طوعا ،وفي المعلومات الخاصة لموقع التحري ان ابن ميلانة اي حفيد صفوان يعاني من مرض التوحد ،وقد قرر الهجرة معه الى ألمانيا لان العلاج هناك اقل كلفة ،
ولهذا السبب، بحسب ما يرجحه بعض المحيطين بالعائلة، وافق مايز أو قرر الهروب بطريقة غير شرعية إلى المانيا، حيث غيره فعل ذلك ورمى جواز سفره اللبناني متحججاً بأنه سوري وبالتالي يحصل بذلك على إقامة في البلد.
هناك من قال أن الفقر والعوز وفرص العمل ومرض حفيده وعدم قبوله في المدرسة هي الأسباب التي دفعته للهجرة، لكن بعيداً عن لغة الأحاسيس والعواطف الشرقية، ولنكون واقعيين كي لا تتكرر هذه المجزرة مع عائلة لبنانية أخرى، كيف لرجل فقير وعاطل عن العمل أن يدفع ثمن تذاكر سفر له ولعائلته تفوق الـ3 ألف دولار، عدا عن دفع بين الـ1000 والـ1500 عن الشخص الواحد لوسيط السمسار المكلف نقلهم بالمركب، وليس أي مركب بل وسيلة نقل بحرية تصلح للتسلية المائية وليس للإنتقال من بلد إلى بلد.
يقول إبن شقيق مايز الشاب حسن صفوان أن عمه إرتكب غلطة نعم، رغب الإنتقال إلى الخارج ربما يضمن حياة كريمة لآخرته ولعائلته وأحفاده، لكننا لا ننكر أن ما إرتكبه خطأ ولكن لا يجوز محاسبته في الوقت الحالي.
تقول إحدى الجارات " لو بقي مايز هنا لعاش من مدخول تأجير الشقق، ها هي إبنتيه زينب وساندرا، وإبنه محمد لم يوافقا على السفر معهم، فمحمد كان سيسافر إلى أفريقيا بعد أيام بعقد عمل، ولديه إبنة في الجامعة اللبنانية وأخرى موظفة، كان يمكنه البقاء هنا في بيته، ولكن الشيطان وسوس في إذنه، رحمهم الله جميعاً".
تجدر الإشارة إلى أن مافيات التهريب في لبنان تنشط بكثرة هذه الأيام، وبحسب مصادر مؤكدة من أشخاص سوريين كانوا على وشك الهروب بطريقة غير شرعية من لبنان، أكدوا لنا أن هناك موظفين في الدولة والسلك العسكري هم من يستغلون مناصبهم للعمل في هذه التجارة، وغالبا ما تتم عمليات التهريب من ميناء طرابلس، ونادراً ما ينتقل المهاجر الغير شرعي من مطار بيروت إلى تركيا ، ومن هناك يهرب إلى أوروبا.